بينما تنصبّ جهود الدولة على إصلاح الأعطاب الاقتصادية وتحفيز النمو، كشفت معطيات جديدة صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط عن واقع اقتصادي صعب تعيشه جهة الشرق، يتجلى في أعلى معدل بطالة وأضعف نسبة مشاركة في سوق الشغل على مستوى المملكة.
فوفقًا للتقرير الفصلي للمندوبية حول وضعية سوق الشغل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2025، لم تتجاوز نسبة النشاط الاقتصادي في جهة الشرق 39,3 في المائة، وهي الأدنى وطنياً، ما يعكس ضعف الدينامية الاقتصادية وغياب فرص الشغل الكافية في المنطقة. أما البطالة، فقد بلغت في الجهة 25,2 في المائة، وهو رقم صادم يفوق المعدل الوطني البالغ 13,3 في المائة، ويؤشر على أزمة هيكلية تستدعي تدخلاً إنمائيًا مستعجلًا.
رغم أن جهة الشرق لا تمثل سوى 12,2 في المائة من مجموع العاطلين في المغرب، إلا أن عمق الأزمة يظهر في نسبة البطالة المرتفعة قياسًا بعدد السكان النشيطين، ما يطرح تساؤلات حول فعالية البرامج التنموية والقدرة على إدماج الشباب في سوق العمل.
في المقابل، تتركز الكثافة الاقتصادية في خمس جهات تستقطب 72 في المائة من السكان النشيطين، وتأتي جهة الدار البيضاء-سطات في الصدارة بنسبة 22,3 في المائة، متبوعة بجهة الرباط-سلا-القنيطرة (13,2 في المائة)، ثم مراكش-آسفي (13 في المائة)، وجهة فاس-مكناس (11,9 في المائة)، وأخيرًا جهة طنجة-تطوان-الحسيمة (11,7 في المائة).
وتسجّل جهات مثل طنجة-تطوان-الحسيمة معدلات نشاط تتجاوز المعدل الوطني (42,9 في المائة)، حيث بلغ فيها 47,1 في المائة، تليها جهات الجنوب بـ45,6 في المائة، ثم الدار البيضاء-سطات بـ45,1 في المائة، ومراكش-آسفي بـ43,1 في المائة. أما أدنى معدلات النشاط فسُجّلت إلى جانب جهة الشرق في كل من بني ملال-خنيفرة (39,9 في المائة) وسوس-ماسة (40,1 في المائة).
أما من حيث البطالة، فإن 70 في المائة من العاطلين يتمركزون في خمس جهات رئيسية، تتقدمها جهة الدار البيضاء-سطات (23 في المائة)، تليها فاس-مكناس (13,2 في المائة)، ثم جهة الشرق (12,2 في المائة)، والرباط-سلا-القنيطرة (11,9 في المائة)، وجهة طنجة-تطوان-الحسيمة (9,8 في المائة).
وسُجلت أدنى معدلات البطالة في جهة درعة-تافيلالت بـ8 في المائة، ثم مراكش-آسفي بـ8,9 في المائة، في حين تبقى جهة فاس-مكناس من بين الأكثر تأزمًا بعد الشرق، بنسبة بطالة وصلت إلى 14,7 في المائة.
خلاصة: أرقام الجهات تسلط الضوء على تفاوتات مجالية صارخة في فرص الشغل ومستوى الانخراط الاقتصادي. وتُبرز جهة الشرق كمثال صارخ على الاختلالات الهيكلية، مما يستدعي من الفاعلين السياسيين والاقتصاديين تحركًا عاجلاً لتصحيح المسار التنموي ووضع الجهة على سكة الانتعاش الاقتصادي