شهدت سواحل إقليم الناظور، وبالخصوص على امتداد شريط جماعة بني شيكر، خلال الأسابيع الأخيرة موجة متزايدة من رحلات الهجرة غير النظامية عبر قوارب “الفانتوم” السريعة، وهي ظاهرة عادت بقوة إلى الواجهة وأعادت معها أسئلة كثيرة حول أسبابها والعوامل التي سمحت بانتعاشها والأطراف المستفيدة منها، في ظل صمت رسمي يزيد من حدة الغموض.
وبحسب شهادات متطابقة من سكان المنطقة، فإن تحركات هذه القوارب لم تعد تقتصر على ساعات الليل، بل أصبحت مشهدا مألوفا حتى في وضح النهار، حيث باتت تنقل أعدادا متزايدة من المهاجرين في رحلات مباشرة نحو الضفة الأوروبية لا تستغرق سوى وقت وجيز، مستفيدة من سرعتها الكبيرة وصعوبة رصدها. غير أن هذه التطورات فتحت الباب أمام فرضيات متباينة في الشارع المحلي، بين من يعتبر أن الأمر يعكس تقصيرا أمنيا، إذ لم تتمكن عناصر المراقبة البحرية من إغلاق كل المنافذ، ومن يرى أن شبكات التهريب طورت تكتيكات جديدة أكثر تعقيدا مستندة إلى تقنيات متطورة في الملاحة والتمويه، فضلا عن شبكة علاقات عابرة للحدود تمنحها قدرة على المناورة تفوق الإمكانيات التقليدية.
اللافت أن هذه المستجدات جاءت متزامنة مع قرار تنقيل القائد الجهوي للدرك الملكي بالناظور الكولونيل رضوان لهبوب نحو المفتشية العامة بالرباط وتعيين الكولونيل ماجور عباد خلفا له، وهو تغيير لم يمر مرور الكرام، حيث ربط جزء من الرأي العام المحلي بين هذه الحركة المفاجئة وما يجري في السواحل، في حين يراها آخرون مجرد تنقيلات إدارية عادية.
وما زاد من إثارة الجدل هو عودة اسم “موسى” إلى الواجهة، إذ راجت روايات محلية تفيد أنه حضر زفافه بالمغرب مؤخرا قادما من أوروبا على متن “فانتوم”، بينما تؤكد أخرى أنه ما يزال داخل التراب الوطني، وهو معطى إن صح يعكس أن هذه القوارب لم تعد تقتصر على تهريب المهاجرين فقط، بل تحولت أيضا إلى وسيلة تنقل فاخرة لبارونات معروفين، في مشهد يوصف محليا بكونه “تحديا صارخا” للسلطات.
وهكذا تظل الأسئلة مفتوحة على أكثر من احتمال: هل نحن أمام عودة قوية لقوارب الموت لكن بصيغة أسرع وأكثر تنظيما؟ هل تتحول بني شيكر إلى بؤرة رئيسية لشبكات التهريب العابرة للقارات؟ أم أن تدخلات أمنية مرتقبة ستعيد ضبط الأوضاع في قادم الأيام؟ وبين غياب الأجوبة الرسمية وتضارب الروايات، يبقى السؤال المركزي معلقا: من يتحكم فعلا في سواحل بني شيكر؟
