بقلم | عبد الحفيظ زياني
تجنبا للسقوط في البروباغندا، أو خدمة لون معين، أجدني مضطرا لتفادي تسمية الأشخاص أو الألوان الحزبية بمسمياتها، وسأكتفي بالرمزية، كتعبير أبلغ لإيصال المغزى، لهذا، ومن الملاحظ، أن بعض الملامح الآخذة في الظهور، قد شكلت إرهاصات أولية، بل قد امتلكت القدرة على التأسيس لإعادة تشكيل خريطة جديدة، أو لعله مجرد تغير طفيف، قد لا يتعدى المألوف، ولربما قد تعرف المنطقة إعادة إنتاج نفس الألوان الحزبية المألوفة، ونفس الأشخاص، بحكم التوجه العام المنبثق من منطق القرابات والامتدادات التي تعيها تركيبة المجتمع وخصوصياته، قد تنقسم الخيارات المطروحة، والمتوقعة، إلى ثلاث فئات، سوف تشكل منافسة ساخنة بشأن المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، لكنها لن تكون متكافئة على الإطلاق، في ظل التباعد الشاسع في الاستراتيجيات المعتمدة، والبون الواسع المتجلي في غياب التجانس على مستوى معياري الخبرة والدراية بمتطلبات الميدان.
الفئة الأولى: تتمثل في الألوان المألوفة، العناصر الفائزة سلفا، وهي فئة لها من الدعم البشري ما يجعلها أكثر حظا من غيرها، كما تعتبر مدعومة بأعيان مختلف القبائل، تمتلك مساندة قوية من قبل مهندسي العملية، والعارفين بأصول اللعبة وخباياها، معززين بخبرة ميدانية لدوي الشأن، يتقنون أساليب المنافسة، الأمر الذي يجعل احتمال هزيمتهم جد صعبة، بل أقرب إلى المستحيل.
الفئة الثانية: أسماء جديدة بألوان قديمة، ستشكل، وفق التطلعات العامة، منافسة ليست بالسهلة، على اعتبار وزنها بالمنطقة، ومكانتها أيضا، تمتلك كل الإمكانات للظفر بنتيجة مشرفة، تحظى هي الأخرى بدعم بعض القبائل، القادرة على ترجيح الكفة وخلق المفاجئة، لكن هذه الفئة ينقصها الأهم: الخبرة بأصول العملية وخباياها، إضافة إلى محدودية علاقاتها، الغير ممتدة في جل مناطق الدائرة الانتخابية، كما تفتقر أيضا إلى مهندسي العملية ومستشاريها الفحول، عكس الفئة الأولى، التي تعودت على ضبط قوانين اللعبة في جل أشواطها، من بدايتها إلى نهايتها.
الفئة الثالثة: ستمثلها ألوان غير مألوفة لدى العامة من الساكنة، من خلال ممثلين لا يملكون حظوظ حتى لبلوغ العتبة، القاسم الانتخابي، هؤلاء سيشكلون أرانب للسباق، لعدة أسباب: إما لضعف شعبيتهم، أو لقلة خبرتهم بالمسألة الانتخابية، أو بحكم حتمية الصراع، الذي لا يسع كل الفئات، حسب منطق موازين القوى، واختلاف الإيقاع واتساع هوته بين الفئات الثلاث.
إذا كان منطق المنافسة قد حكمته حتميات متقاربة، وأهداف متشابهة بين جل المتنافسين، ثم أسباب ودواعي واقعية، فإنه يعد مساحة كافية، ومجالا لا بديل له لاختيار الأصلح لتحمل التبعة، حتما لابد أن يتحول التنافس إلى صراع البرامج والمشاريع، بدل السقوط في متاهة الشخصنة والقبلية، التي لن تزيد سوى من تعميق الجراح وتكريس منطق الخلاف، الذي لن يجدي في شيء.
حين تنطلق العملية، سوف تتبنى كل فئة تكتيكها الأنسب، وسيعتمد كل لون حزبي على اختيار الأسلوب الملائم، الذي ينسجم وخصوصيات المرحلة، سوف تفرض المنافسة تنويع طرق التعامل مع الوضع العام، وسيختلف الخطاب بين هذا وذاك، بعيدا عن لغة البرامج والمشاريع التي تحتاجها البيئة، أكثر من احتياجها للخطابات الدوغمائية الجوفاء، شكلا ومضمونا.
كل الفئات المتنافسة ستجد نفسها، منذ البداية، أمام إكراهات قسرية: بشرية، جغرافية، اجتماعية…، وسيترتب عنها وضعية تتطلب جهدا مضاعفا، بسبب تقارب حظوظ الفوز، لدرجة يصعب التكهن، وسوف تفرض، العملية، سباقا في حلبة جد صعبة، بحكم خصوصياتها المعقدة والمتداخلة، بوتيرة غير متناسقة بين هذا وذاك، وإيقاع مختلف، وبأساليب تتنوع بتنوع القناعات والأفكار.