أصوات الدريوش
في الإستحقاقات الإنتخابية السابقة استطاع مجموعة من المحسوبين على حزب العهد أن يحققوا إختراقا سياسيا غير مسبوق على المستوى المحلي، تجلى في نيل ثمانية مقاعد من مجموع الحصة الإجمالية المخصصة لعضوية جماعة/بلدية الدريوش؛
وبقدر ما كان هذا الأمر مكسبا سياسيا مهما رأت فيه الساكنة بارقة أمل لمستقبل أفضل…بقدر ما كان الحدث أيضا محط تساؤل وحيرة لدى المراقبين لشأن المحلي،
خصوصا من جهة الشروط التي هيأت لهذا الإختراق وعن ما إذا كان هذا الأخير إفرازا موضوعيا لتطور الوعي السياسي بالمنطقة ونتاجا لإرادة عامة رأت في الوجوه الجديدة ما لم تراه في غيرها أم هناك ما غاب عن الأذهان من دقائق المسائل التي نحن في حاجة إلى الإحاطة بها، خاصة ونحن مقبلين على استحقاق انتخابي جديد يتطلب الإستفادة من تراكمات الماضي لتجاوز الأخطاء والعثرات من أجل تحقيق الأفضل!
بالرجوع إلى مسألة الشروط التي هيأت للحدوث الإختراق المذكور سلفا نجد أننا أمام مفارقة حقيقية وهي أن نفس اللحظة الإنتخابية التي نتحدث عنها شهدت دخول وجوه كثيرة إلى ساحة المنافسة الإنتخابية ومنها من يحمل رصيد نضالي وسياسي أكبر بكثير مما يحوزه المترشحين بإسم حزب العهد آنذاك ولكنه لم يفلح في الظفر بعضوية المجلس على الرغم من أن بيئة التنافس و مستوى الوعي العام في الدريوش لا يختلف من حي إلى آخر!
وبالتالي السؤال المطروح هنا ما الوصفة التي جعلت الأعضاء المحسوبين على حزب العهد سابقا ينالون العضوية على الرغم من حداثة عهدهم بالسياسة عكس غيرهم؟
الإجابة المفترضة هنا هي إما أن المرشحون الآخرون لم يكونوا في مستوى تطلعات الساكنة أو أنهم لم يعدوا مرغوبين فيهم(بالنسبة لمن كان عضوا سابقا) من طرف الساكنة التي صوتت لصالح كتلة العهد،وهذا مستبعد لأن لو كان الأمر كذلك لاتخذ صبغة جماعية أو لحصل في أماكن ترشح فيها من هم أفضل سياسيا وميدانيا من مرشحي العهد…وبالتالي تبقى الفرضية الوحيدة هنا أن طرف أو جهة معينة تدخلت لتقلب موازين القوى لصالح من حظي بشرف العضوية،والسؤال من تكون هذه الجهة أو هذا الطرف؟هل هو حزب العهد الذي لا يكاد يرى بالعين المجردة في الساحة الحزبية الوطنية!
وإذا كان الحزب هو الفيصل فيما حدث فلماذا لم يفعل كذلك في مناطق أخرى أقل تنافسية لاربما من الدريوش!
وإذا لم يكون التنظيم الحزبي هو من له الفضل فيما حدث يبقى الغموض مستمرا ويبقى معه السؤال مطروحا؛ هل يمكن لمترشحون بدون رصيد نضالي وسياسي يُذكر ولا ينتمون إلى الطرف الذي عهدناه يكتسح الأخضر واليابس في الإنتخابات…أن يحصلوا على هذا الكم من المقاعد دون وجود عامل مؤثر إلى هذه الدرجة؟!
ثم حتى إذا ما تجاوزنا هذه الأسئلة وتقدمنا إلى الأمام ألا يمكن أن نستغرب كيف للعهد الذي حقق هذه الطفرة السياسية محليا أن يعجز على معاودتها على المستوى التشريعي خاصة وأن عمق الحزب يوجد بالريف الشرقي؟
ولماذا استطاع أعضاء العهد أن ينجحوا إنتخابيا وأن يخسروا سياسيا في معركة تثبيت الأقدام بالمجلس التي سرعان ما انتهت قبل أن تبدأ بسذاجة مفرطة!
ثم إذا كان العهد ناجحا انتخابيا إلى هذه الدرجة في ضمان العضوية للمنتمين إليه،فما الحاجة إلى تغييره بلون حزبي آخر؟!