متابعة
سجل الصديق معنينو الكاتب والصحافي المشهور في آخر جزء من مذكراته” أيام زمان }” شهادة للرخام الذي تكفل بحفر وإعداد قبر الملك الراحل أن الحسن الثاني دعاه للحضور إلى قصر الصخيرات، الذي كان يقيم فيه كعادته في فصل الصيف،
ويقول حسب ما نشرته أسبوعية « الأيام » في عددها الأخير: « فعلا ذهبت في الموعد المحدد، وانتظرت في خيمة كانت منصوبة هناك قريبا من المسبح. بعد ذلك حضر الملك، وتقدمت مختلف الشخصيات للسلام عليه وكنت من بينها.. لاحظت فورا أن الملك يتكئ على عصا، وهي أول مرة أرى فيها ذلك، كما لاحظت أنه فقد الكثير من وزنه بحيث أصبح نحيفا.. ظل الحسن الثاني صامتا لحظات ثم قال لي » آلمعلم، وجد المحل »، أجبت « الله يبارك في عمر سيدي.. » ورفعت رأسي قليلا، وقد رسمت على وجهي ما يوحي بأنني أتساءل عن معنى المحل؟ وماذا يقصد الملك بذلك؟ وماذا هو منتظر مني؟ كانت هذه طريقة تعاملي مع الحسن الثاني، فلم أقل له يوما لم أفهم قصده أو سألته ماذا يعني أو طلبت منه أن يدقق تعليماته.
انفجرت واضطرب جسدي، وارتعشت يدي وبدأت في البكاء، لا أدري ماذا مسني، ولا أدري ماذا أصابني، وإذا بي أرتمي على رجلي الملك وأمسك بهما وأصيح وأنا أواصل البكاء: « أطال الله عمر سيدنا.. حفظ الله سيدنا ». ظل الملك واقفا، وقال لي « كل نفس ذائقة الموت.. الصبر أ لمعلم.. الصبر والهدوء ».
بعد لحظات اضطراب، ساعدني على الوقوف وقال لي: »اذهب إلى الضريح، وهيئ المحل.. والأمور بيد الله ولا بد من السرية وعدم إثارة الانتباه.. ! ». انحنيت من جديد، وقبلت يده، ودعوت له بالصحة والعافية والسلامة وطول العمر، وقلت له كلاما لا أتذكره بالضبط، لأنه كان تحت ضغط العاطفة والتأثر لكنه قاطعني وقال.. « وجد لي محلي آلمعلم »، ثم انصرف وابتسامة جميلة على محياه.
غادر القاعة، وأحاط به عدد من المسؤولين، ومنهم أحمد بنسودة، الذي كان يتكلم بصوت مرتفع، ولا أدري ماذا قال، لأن الجميع ضحك، كما أن الملك هو الآخر انفجر ضاحكا، وبذلك كانت آخر مرة رأيت فيها الحسن الثاني يضحك بهذه الطريقة، وكأنه نسى المهمة التي كلفني بها..
فعلا توجهت إلى ضريح محمد الخامس، واصطنعت عدة حيل، سمحت لي بدخول الطابق التحت أرضي لمباشرة المهمة التي كلفت بها.. كنت على يقين بأن أي شخص لم ينتبه بما أقوم به، نظرا لأن زياراتي المهنية إلى الضريح، كانت كثيرة كلما تعلق الأمر بإصلاح أو ترميم أو ما شابه ذلك… » هكذا وعند موت الحسن الثاني كان قبره معدا لاستقباله قبل مدة.
ويضيف محدث الصحافي معنينو حسب الأسبوعية نفسها: « استدعاني الملك محمد السادس، بعد الدفن، وأمرني بالإنكباب على الجانب التقني في إعداد القبر، وبناء غطائه من المرمر الإيطالي الأبيض، وكلفني بالذهاب إلى إيطاليا، والسهر هناك على كافة مراحل الإعداد مع احترام التفاصيل الضرورية لذلك.
ويتابع محدثي القول، بأن الملك محمد السادس، حسم الأمر، فأمرني أن اتخذ المقاييس التي تجعل قبر الحسن الثاني، ما هو في حجم وقياس قبر محمد الخامس ولا هو في حجم وقياس الأمير مولاي عبد الله، بل يكون بينهما، وبذلك يقول محدثي: « حافظ محمد الخامس على المكان المركزي، ونال الحسن الثاني المرتبة الثانية لأنه كان ملكا! »