متابعة
كشفت تحقيقات أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية، تورط رؤساء جماعات في “البيع والشراء” في الأراضي المملوكة للجماعات، وتفويتها لمن يدفع أكثر من أجل إنجاز ما يسمى “مشاريع تنموية”، وهي في الأصل مشاريع عقارية وتجارية تدر أرباحا خيالية على أصحابها.
وتعكف وزارة الداخلية، التي أحالت بعض ملفات المخالفين على محاكم جرائم الأموال، مع الأمانة العامة للحكومة، على وضع اللمسات الأخيرة لإخراج مشروع قانون جديد يتعلق بالأملاك العقارية للجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الترابية، التي تعتبر موردا ماليا ذاتيا مهما لتمويل ميزانيات الجماعات الترابية، والمساهمة في تحقيق توازنها المالي، وفي توفير البنيات التحتية، نظير الطرق والمناطق الصناعية، لاستقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، لإنجاز المشاريع الكبرى للدولة، وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وجاء في تقرير لوزارة الداخلية حول حصيلة أنشطتها لسنة 2020، جرى توزيعه على أعضاء لجنة الداخلية بمجلس المستشارين، لمناسبة عرض مشروع ميزانية الوزارة، أن مشروع هذا القانون يروم تعديل وتوحيد النصوص التشريعية المنظمة لهذه الأملاك، التي تتميز بتعددها، وباتت متجاوزة، إذ ترجع في مجملها إلى عهد الحماية، كما أنها غير مكتملة بفعل غياب مقتضيات خاصة بتدبير الملك العام الجماعي.
ومن ضمن ما ينص عليه المشروع، تمتيع الجهات والعمالات والأقاليم بنظام موحد لأملاك الجماعات الترابية، على غرار الجماعات، لأنها لا تتوفر حاليا على قانون خاص بأملاكها.
ويستغل رؤساء جماعات، متورطون في “التفويتات المشبوهة”، الاختصاصات الجديدة التي أسندتها إليهم وزارة الداخلية بموجب القوانين التنظيمية للجهات والأقاليم والعمالات والجماعات، من أجل انخراطهم في لعبة التفويت لمن يحسن الدفع، بدعوى تشجيع الاستثمار.
وأعدت مديرية الممتلكات بوزارة الداخلية، خطة إنقاذ الأراضي المملوكة للجماعات المحلية التي يتم تفويتها لمنعشين عقاريين بأثمنة بخسة، وتمتد إلى نهاية السنة الجارية، ركزت على إحصاء أملاك الجماعات الترابية وتحفيظها.
وتأتي الخطوة نفسها، بعدما توصلت المديرية، بسيل من المراسلات ذات الطابع الاحتجاجي التي تكشف عناوين الفساد الذي يسم التفويتات، وانخراط رؤساء جماعات في عمليات “التبزنيس” بطرق مشبوهة، تطرح حولها علامات استفهام كبرى.
وخلص خبراء العقار بوزارة الداخلية، إلى أن الإصلاح التشريعي وحده غير كاف لتحسين مردودية الأملاك العقارية للجماعات الترابية، إذ ينبغي موازاة مع ذلك، إجراء إحصاء شامل لهذه الأملاك التي تسيل لعاب بعض رؤساء الجماعات، لمعرفة الرصيد العقاري الذي تملكه الجماعات الترابية، ووضع برنامج شمولي لتعميم نظام التحفيظ العقاري، لحماية هذه الأملاك من الترامي والضياع.