كشف التقرير السنوي الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات بشأن تدقيق مالية الأحزاب السياسية لسنة 2023 عن تجاوزات مالية خطيرة دفعت بالمجلس إلى مطالبة 15 حزباً مغربياً بإرجاع ما مجموعه 21 مليون درهم إلى خزينة الدولة، بسبب سوء تدبير أو صرف غير قانوني للدعم العمومي.
وأوضح التقرير أن الدولة خصصت نحو 60 مليون درهم كتمويل للأحزاب خلال سنة 2023، غير أن عمليات التدقيق كشفت أن 15.07 مليون درهم لم تُدعّم بأي وثائق إثبات قانونية، فيما ظلت 3.36 مليون درهم غير مستعملة، في خرق صريح لقواعد الحكامة المالية. كما جرى تسجيل صرف 2.88 مليون درهم في غير ما خُصصت له، وصُرفت 650 ألف درهم لفائدة أحزاب لا تستحقها بناءً على نتائجها المتواضعة في الاستحقاقات الانتخابية.
ومن أبرز المعطيات التي وردت في التقرير، مطالبة حزب الاستقلال وحده بإرجاع أكثر من 11 مليون درهم، وقد تم التوصل إلى اتفاق مع وزارة الداخلية يقضي بتسوية المبلغ على أربع دفعات سنوية، بدأت أولها في فاتح أبريل 2024، على أن تُستكمل باقي الدفعات خلال أشهر أبريل من السنوات 2025 و2026 و2027.
ولم تقتصر الملاحظات على الدعم المخصص لسنة 2023، إذ سجّل المجلس تخلف ثلاثة أحزاب عن إرجاع 1.146 مليون درهم من دعم انتخابات 2016، وخمسة أحزاب عن تسديد 1.174 مليون درهم من دعم انتخابات 2021. كما لم يُرجع حزب “الحركة الديمقراطية الاجتماعية” مبلغ 185 ألف درهم من دعم انتخابات مجلس المستشارين لسنة 2015، فيما لم تسدد أربعة أحزاب أخرى ما مجموعه 1.373 مليون درهم من دعم انتخابات 2021.
التقرير أماط اللثام كذلك عن تخلف سبعة أحزاب عن إرجاع 16.631 مليون درهم من الدعم العمومي المخصص لانتخابات المجالس الجهوية والجماعية لسنتي 2015 و2021. كما رُصد عدم استعمال أو إرجاع 816 ألف درهم من الدعم العمومي للفترة ما بين 2017 و2022، بالإضافة إلى 606 آلاف درهم من دعم سنة 2023 لم تُصرف من قبل ثلاثة أحزاب.
وعن بنية تمويل الأحزاب السياسية، كشف التقرير أن التمويل العمومي مثّل 58% من مجموع موارد الأحزاب خلال سنة 2023، مقارنة بـ53% سنة 2022 و39% سنة 2021. وسُجلت تفاوتات لافتة في الاعتماد على هذا التمويل، حيث بلغ 100% لدى خمسة أحزاب، بينما تراوح بين 76% و99% لدى تسعة أحزاب، مقابل نسب أقل تراوحت بين 36% و57% لدى ثلاثة أحزاب فقط.
أما المفاجأة التي أوردها التقرير، فهي أن 16 حزباً لم تستفد من أي تمويل عمومي، بسبب عدم استيفائها الشروط القانونية المرتبطة بخوض الانتخابات التشريعية لسنة 2021، ما يعكس خللاً على مستوى التنظيم والمشاركة السياسية داخل هذه التشكيلات.