في خطوة نوعية تعكس تحولاً في المواقف الأوروبية تجاه قضية الصحراء المغربية، قرر البرلمان الأوروبي التخلي بشكل نهائي عن المجموعة البرلمانية المشتركة المعروفة بـ”الصحراء الغربية”. القرار، الذي أكدته تقارير إسبانية رسمية، جاء رغم الجهود المكثفة التي بذلتها الجزائر وتحركات لوبياتها ذات التوجهات اليسارية المتطرفة لإعادة إحياء المجموعة، إلا أن البرلمان الأوروبي رفض هذا المسعى بشكل قاطع، ما يعكس تغيراً كبيراً في أولويات المؤسسة التشريعية الأوروبية.
وقد أثار هذا القرار استياء ما يسمى بممثل جبهة البوليساريو لدى الاتحاد الأوروبي، الذي اتهم الحزب الاشتراكي الإسباني بالانحياز إلى المغرب، متجاهلاً أن البرلمان الأوروبي يضم ممثلين عن 27 دولة اتخذوا هذا القرار بأغلبية ساحقة. ويعكس ذلك توافقاً أوروبياً واسعاً على رفض المجموعة البرلمانية المشتركة، بعيداً عن أي انحياز لأطروحات الجزائر أو موظفيها الذين لم يتمكنوا من إقناع المؤسسة التشريعية بجدوى استمرار هذه المجموعة.
لطالما كانت هذه المجموعة البرلمانية أداة ضغط سياسي استُخدمت لمحاولة عرقلة المغرب داخل البرلمان الأوروبي، إلا أن المستجدات الأخيرة تكشف عن تحول كبير في المواقف الأوروبية. فقد أصبح صناع القرار الأوروبيون أكثر ميلاً إلى تبني سياسات واقعية بعيداً عن الشعارات التي كانت تروجها الأوساط اليسارية المتطرفة، والتي افتقرت إلى تأثير فعلي داخل المؤسسات الأوروبية.
يمثل هذا القرار انتصاراً جديداً للدبلوماسية المغربية، التي نجحت في تعزيز صورتها كشريك موثوق به على الساحة الدولية بفضل استراتيجيتها القائمة على الحوار والواقعية. كما أنه يعكس فشلاً واضحاً للجزائر في فرض أجندتها السياسية داخل المؤسسات الأوروبية، رغم الموارد الكبيرة التي خصصتها لتحقيق ذلك.
هذا التطور يعد مؤشراً على محدودية التأثير الذي باتت تحظى به الأطراف المناوئة للمغرب داخل الأوساط السياسية الأوروبية، كما يبرز أهمية المغرب كفاعل أساسي في تحقيق الاستقرار والتنمية بالمنطقة. ويؤكد أن الرؤية المغربية القائمة على الوحدة الترابية تحظى بمصداقية متزايدة لدى الشركاء الأوروبيين، ما يعزز مكانة المغرب على المستويين الإقليمي والدولي.