يشكل إعطاء انطلاقة أشغال إنجاز مدينة المهن والكفاءات لجهة الشرق، في متم يونيو الماضي، حدثا يجسد الأهمية التي يحظى بها العنصر البشري باعتباره ركيزة أساسية لمسلسل التنمية الذي تشهده الجهة.
فجهة الشرق تزخر بالعديد من المؤهلات وتحتفل ساكنتها بذكرى عيد العرش المجيد من خلال متابعة وتيرة الإنجازات الجارية بعناية كالمركب المينائي الجديد الناظور غرب المتوسط، وتهيئة بحيرة مارتشيكا بالإضافة إلى مختلف المشاريع الرامية إلى تعزيز ربط الجهة.
هي إذن دينامية تنموية ترتكز على مجموعة من المشاريع المهيكلة التي من شأنها أن تغير، في غضون بضع سنوات، معالم الجهة وتمكنها من تحقيق إقلاع اقتصادي سيجعل منها قاطرة للتنمية على الصعيد الوطني.
في هذا السياق يتعين إعداد العنصر البشري وأطر ومهنيي المستقبل، وتأتي مدينة المهن والكفاءات لجهة الشرق التي تقع بإقليم الناضور، استجابة لهذا الطلب بغاية تحقيق قفزة نوعية على صعيد التكوين المهني وإنعاش الكفاءات، دون إغفال الدور الذي تضطلع به مختلف المؤسسات التابعة لجامعة محمد الاول بوجدة.
وحسب معطيات لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل فإن المدينة التي سيكلف إنجازها استثمارا إجماليا يناهز 360 مليون درهم، ضمنها مساهمة من مجلس جهة الشرق تصل قيمتها إلى 90 مليون درهم، تقع على وعاء عقاري يقدر ب 12 هكتارا، وتصل طاقتها الاستيعابية الإجمالية إلى 2920 متدربة ومتدربا سنويا، وتمنح إمكانية التكوين في 8 قطاعات مختلفة تضم 74 شعبة، نحو 58 في المائة منها تخصصات جديدة.
وتضم البنيات التحتية للمدينة فضاءات بيداغوجية ومعيشية، حيث تشتمل الفضاءات البيداغوجية على بنيات مشتركة يستغلها المتدربون والمتدربات في مختلف التخصصات (مراكز اللغات والكفاءات الذاتية، ومركز التوجيه الوظيفي، وفضاءات العمل المشترك، ومختبر للتطوير، ومعمل رقمي وحاضنة المقاولات ومكتبة وسائطية) بالإضافة إلى 8 أقطاب قطاعية مخصصة لتعلم المهن تهم قطب الصناعة وقطب التسيير والتجارة والقطب الرقمي والأوفشورينغ وقطب السياحة والضيافة مع فندق بيداغوجي، وقطب الفلاحة ، وقطب الصحة مع وحدة حقيقية للعلاج، وقطب البناء والأشغال العمومية وقطب خدمات الأشخاص.
ويندرج هذا المشروع في إطار برنامج مدن المهن والكفاءات الذي يتضمن إنجاز 12 مدينة للمهن والكفاءات على صعيد مختلف جهات المملكة.
على صعيد آخر، ودائما في إطار نفس السياق المتعلق بتجميع الشروط الكفيلة بتحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي مستدام، تميزت بداية سنة 2020 بالإعلان عن المشاريع المزمع إنجازها بجهة الشرق في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي وقعت الاتفاقية الإطار الخاصة به في 13 يناير 2020 أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وبالنسبة لجهة الشرق، تم في إطار هذا المخطط رصد اعتماد مالي يناهز 3 مليارات درهم لإنجاز عدد من السدود الكبرى من بينها سد تاركا او مادي (إقيم جرسيف الذي تبلغ حقينته 287 مليون متر مكعب)، ومشرع الصفصاف (إقليم بركان بحقينة 600 مليون متر مكعب)، وسد بني عزيمان (إقليم الدريوش بحقينة 45 مليون متر مكعب)، بالإضافة إلى مشروع تعلية حاجز سد محمد الخامس بإقليم الناظور الذي سيمكن من رفع الحقينة الإجمالية للسد من 240 مليون متر مكعب حاليا إلى نحو مليار متر مكعب.
من هذا المنطلق، ترتكز الدينامية التنموية لجهة الشرق على أسس صلبة من شأن ضمان استدامة وفعالية المشاريع الحالية والمستقبلية بهذه الجهة التي ينتظرها مستقبل واعد للغاية بالنظر إلى غنى وتنوع مؤهلاتها الطبيعية والبشرية.
وبالموازاة مع ذلك، تواكب مختلف الأقاليم التابعة للجهة هذا الإقلاع من خلال مشاريع للتأهيل الحضري وتأهيل وتثمين التراث الثقافي وإعادة تأهيل النسيج الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مشاريع تهم فك العزلة عن العالم القروي بمساهمة متميزة من مجلس الجهة.
فالعمل جار إذن على قدم وساق لتمكين جهة الشرق من التموقع، طبقا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تحقيق تنمية مندمجة بهذه الجهة، كوجهة متميزة على الصعيد الوطني.