أطلقت السلطات الإقليمية بكل من جهات الدار البيضاء–سطات، الرباط–سلا–القنيطرة، ومراكش–آسفي، حملة واسعة استهدفت عدداً من أعوان السلطة من رتبة مقدمين وشيوخ، وذلك بعد رصد تورطهم في تسهيلات مرتبطة بالبناء العشوائي داخل دوائر نفوذهم الترابي. وقد جرى توقيف المعنيين وإحالة ملفاتهم على العمالات المختصة، تمهيداً لاتخاذ قرارات العزل في حقهم بعد استكمال المساطر القانونية.
هذه الخطوة جاءت عقب تقارير مفصلة أعدّتها أقسام “الشؤون الداخلية”، كشفت عن تفاقم حالات البناء غير المرخص، وتزايد عمليات الهدم التي تُباشر ضد المخالفات، إلى جانب تتبّع حالات حفر الآبار دون الحصول على التراخيص اللازمة.
وتبين من خلال التحقيقات أن بعض أعوان السلطة تجاوزوا مهامهم الإدارية، وتحولوا إلى فاعلين مباشرين في مشاريع البناء العشوائي، حيث وفروا تغطية للمخالفات مقابل منافع مالية، بل إن عدداً منهم تحولوا إلى “طاشرونات” يشرفون على الأشغال بشكل مباشر، ما أتاح لهم مراكمة ثروات سريعة وغير مبررة، من سيارات فاخرة وعقارات، إلى تمويل تعليم أبنائهم في مؤسسات خاصة راقية، بشكل يفوق بكثير مستوى تعويضاتهم الرسمية.
وفي سياق تشديد المراقبة، وجهت وزارة الداخلية مراسلات للعمال تذكّر بضرورة عقد الاجتماعات الدورية مع المهندسين المعماريين ورجال السلطة، بهدف تسريع وتيرة المراقبة وتفعيل مقتضيات القانون 66.12 المتعلق بزجر مخالفات التعمير والبناء. كما شرع عدد من القواد الجدد في إعادة هيكلة مسارات المراقبة داخل مناطق عملهم، من خلال تفكيك شبكات البناء العشوائي التي كانت نشطة قبل تعيينهم، وتوثيق جميع الاختلالات المرتبطة بها.
ولتعزيز وسائل التتبع، لجأت الوزارة إلى استعمال طائرات مسيرة “درونات” لتحديث الخرائط الطبوغرافية ورصد أي تغييرات غير قانونية، في خطوة تؤكد توجه الدولة نحو رقمنة أدوات المراقبة وحماية المصلحة العامة، في ظل تواصل انتشار ظاهرة البناء العشوائي واستغلال بعض الموظفين لمواقعهم لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.
هذه الحملة، وفق مصادر مطلعة، تأتي ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة الانضباط داخل الإدارة الترابية، وردع كل التجاوزات التي تمس ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
