تحركت وزارة الداخلية خلال الأسابيع الأخيرة لإجهاض محاولات بعض رؤساء المجالس المحلية التصرف في العقارات الجماعية عبر تفويتها بطرق مثيرة للريبة، وبأثمنة وُصفت بـ”التفضيلية”، لفائدة خواص ومنعشين عقاريين، تحت مبرر دعم ميزانيات الجماعات وتمويل مشاريع للبنية التحتية.
الخطوة جاءت بعد عملية جرد واسعة شملت مختلف ممتلكات الجماعات الترابية، أشرفت عليها الوزارة بشراكة مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، حيث تم تحديد الوضعية القانونية للعقارات، سواء تلك المحفظة أو التي ما تزال في طور التحفيظ.
مصادر مطلعة أوضحت أن الوزارة عازمة على مرافقة الجماعات في تدبير ممتلكاتها بشكل شفاف، وفق قواعد الحكامة والمنافسة، مع وضع حد للتصرفات التي حولت الأملاك الجماعية إلى “غنيمة” يستغلها منتخبون لتحقيق مصالح ضيقة.
التقارير المرفوعة من طرف الولاة والعمال كشفت تورط بعض الرؤساء في صفقات مشبوهة، همّت بالخصوص عمليات بيع بأثمنة بخسة أو مبادلات مثيرة للجدل، وهو ما دفع مديرية الممتلكات إلى إعداد خطة لحماية هذه الأراضي من أي تفويت غير مشروع.
كما توصلت الوزارة بشكايات تكشف عن وجود شبكة تتلاعب في العقار الجماعي بتنسيق مع منتخبين نافذين، في عمليات وُصفت بأنها “تبزنيس” يثير شكوكا حول خلفياتها.
ويرى خبراء أن مواجهة هذه الممارسات تتطلب أكثر من مجرد إصلاح قانوني، إذ لا بد من إحصاء شامل للرصيد العقاري للجماعات، وتعميم نظام التحفيظ العقاري كضمانة أساسية لحماية الملك الجماعي من الاستيلاء أو الضياع.
المعطيات الأولية أشارت إلى أن هذه الخروقات سُجلت في مدن كبرى كالقنيطرة وطنجة وتطوان وفاس وبني ملال، حيث تم تفويت عقارات جماعية تحت غطاء “مشاريع تنموية”، لكنها تحولت لاحقًا إلى مشاريع تجارية مربحة.
ولا يُستبعد أن تُحال ملفات المنتخبين المتورطين على محاكم جرائم الأموال، خصوصًا بعد الانتهاء من صياغة مشروع قانون جديد ينظم الأملاك العقارية للجماعات الترابية، باعتبارها موردًا استراتيجيًا لدعم الميزانيات المحلية، وتمويل مشاريع البنية التحتية، وجلب الاستثمارات، وتعزيز برامج التنمية.
