في سياق التحضير لموسم صيفي يشهد سنوياً تدفقاً كبيراً للمغاربة المقيمين بالخارج، وجهت وزارة الداخلية مراسلات مستعجلة إلى الولاة والعمال، تحثّهم على التدخل الفوري لتسريع وتيرة معالجة طلبات وشكايات المواطنين داخل الجماعات الترابية، الحضرية منها والقروية، عبر الباشوات والقواد.
هذا التحرك جاء بعد تقارير ميدانية كشفت عن اختلالات مزمنة في تدبير مصالح بعض الجماعات، من أبرزها التأخر الكبير في الاستجابة لمطالب المرتفقين، ما أدى إلى تفشي مشاعر التذمر، وارتفاع منسوب فقدان الثقة في الإدارات المحلية.
وتنص التعليمات على ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة في حق الموظفين المتقاعسين، مع إرساء نظام دقيق للتتبع والمراقبة من خلال تقارير دورية ترفع إلى السلطات الإقليمية والمركزية، بهدف تقييم الأداء وتصحيح مسارات الخلل الإداري.
لكن الأمر لم يتوقف عند بطء المعالجة، إذ أماطت التقارير اللثام عن تصاعد النزاعات القضائية بين المواطنين والجماعات، خاصة ما يرتبط بملفات التعمير وتراخيص البناء، فضلاً عن الإشكاليات المرتبطة بتنفيذ أحكام قضائية نهائية بقيت حبيسة الأدراج لسنوات، مما عمّق هوة الخلاف بين المواطن والإدارة.
في المقابل، تُسجَّل بعض النقاط الإيجابية في مسلسل الإصلاح، إذ بادرت وزارة الداخلية، في الأعوام الأخيرة، إلى إطلاق جملة من المنصات الرقمية والتطبيقات الإدارية، مكنت المواطنين من التقدم بعدد من الطلبات إلكترونياً، وقلّصت هامش التدخل البشري، وبالتالي شبهات الفساد والمحسوبية.
ومع ذلك، لا تزال بعض الممارسات الملتوية تلقي بظلالها على المشهد، وعلى رأسها تدخل مستشارين جماعيين في تسيير الملفات الإدارية، بهدف كسب الولاء الانتخابي، في تجاوز سافر لاختصاصاتهم القانونية. وقد شددت التعليمات الأخيرة على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة عبر تقارير دقيقة ومراقبة صارمة لسير الخدمات.
وتأتي هذه الإجراءات في سياق عام يروم تعزيز ثقة المواطن في المرفق العمومي، وإعادة الاعتبار للجماعات المحلية بصفتها الواجهة الأولى لتقديم الخدمة، لا سيما لمغاربة المهجر، الذين يتعاملون في الغالب مع هذه الإدارات خلال فترة تواجدهم القصير بالمغرب.
