يواصل مشروع بناء سد بني عزيمان بإقليم الدريوش تقدمه بوتيرة متسارعة، ليجسد واحدة من أبرز الأوراش الوطنية في مجال تدبير الموارد المائية. ويُرتقب أن يشكّل السد رافعة تنموية مهمة بجهة الشرق، في ظل التحديات المناخية والطلب المتزايد على الماء.
ويقع المشروع على واد كرت بجماعة تلاتة أزلاف، على بعد 25 كيلومتراً من مدينة الدريوش، ويبلغ ارتفاعه 70 متراً، بسعة تخزينية تصل إلى 44 مليون متر مكعب، وبكلفة مالية تقارب 1.4 مليار درهم. ويُنجز في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب والسقي 2020-2027، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ومن المرتقب أن يتم الانتهاء من أشغال السد مع نهاية سنة 2025، بعدما تم تقليص مدة الإنجاز بسنة كاملة عن التاريخ المقرر سابقاً، بفضل التعبئة المستمرة في الورش والتنزيل الفعلي للتوجيهات السامية المتعلقة بالإسراع في إنجاز البنيات التحتية المائية.
وسجلت نسبة تقدم الأشغال 71%، حيث تم الانتهاء من مراحل أساسية مثل الحفريات وتعزيز الأساسات، وبناء منشآت التحويل المؤقت للمياه، وإنجاز التجارب والدراسات الجيوتقنية، بالإضافة إلى تركيب القنوات الخاصة بالتزويد بالماء الشروب والسقي، ووضع الخرسانة والتربة في جسم السد.
ويتميز سد بني عزيمان بتصميم هندسي متطور، حيث يعد الأول من نوعه وطنياً الذي يجمع بين التربة والخرسانة المدكوكتين (Mixed Dam)، وهو ما يُمكّنه من التكيف مع طبيعة التربة الجبلية للمنطقة، ويمنحه قوة ومتانة على المدى البعيد.
ويتوخى هذا المشروع الطموح تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، من بينها تعزيز الأمن المائي بالمنطقة، تأمين التزويد بالماء الصالح للشرب، حماية الأراضي من الفيضانات، وتوسيع المساحات المسقية، إضافة إلى المساهمة في التنمية السوسيو-اقتصادية، من خلال خلق مناصب شغل وتأهيل الكفاءات المحلية.
وقد أسهم المشروع منذ انطلاقه في إحداث أزيد من 600 ألف يوم عمل، إلى جانب تحسين الدخل لدى فئة من الفلاحين، وفتح آفاق جديدة في مجال السياحة البيئية حول بحيرة السد، مما يعزز الاستقرار المحلي ويحد من ظاهرة الهجرة القروية.
ويجري تنفيذ هذا الورش الضخم بكفاءات وطنية خالصة، تحت إشراف وزارة التجهيز والماء، حيث تتولى مديرية التجهيزات المائية مهمة التتبع، إلى جانب مكاتب دراسات ومراقبة وطنية، ومختبرات متخصصة في التجارب والاختبارات، وشركات للأشغال الكبرى والتجهيزات الكهروميكانيكية.
ويُعد مشروع سد بني عزيمان نموذجاً حقيقياً لما يمكن أن تحققه الكفاءات المغربية حين تتوفر لها الإمكانيات والظروف المناسبة، ضمن رؤية ملكية راسخة تعتبر الماء ركيزة أساسية للتنمية المستدامة وضمان كرامة المواطن.
