في خطوة رائدة نحو تعزيز الأمن الرقمي في قطاع التعليم العالي بالمغرب، طور فريق من الباحثين المغاربة نظاماً مبتكراً يحمل اسم “BlockMEDC”، يهدف إلى تأمين الشواهد الجامعية الرقمية ضد التلاعب والتزوير، باستخدام تكنولوجيا البلوك تشين والعقود الذكية.
المشروع يأتي تماشياً مع أهداف رؤية المغرب الرقمية 2030، وضمن إطار إستراتيجية “Pacte ESRI 2030”، التي تسعى إلى تحديث منظومة التعليم العالي والبحث العلمي من خلال تسخير التقنيات الحديثة.
ويضم الفريق البحثي كفاءات علمية بارزة، من بينها إسماعيل لمعقل، ابن مدينة الدريوش وباحث في سلك الدكتوراه بجامعة محمد الأول بوجدة، الذي ساهم بدور محوري في تطوير النظام، إلى جانب كل من محمد فرتيتشو، الأستاذ بالمدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي والرقمنة ببركان، وخالد المكاوي وزكرياء العلالي، الأستاذين الباحثين بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، وياسين مليح، الأستاذ بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال.
ووفقاً لمقال علمي نُشر بمجلة “IEEE Access” الأمريكية المتخصصة، فإن نظام “BlockMEDC” جاء استجابةً للحاجة الملحّة لتعزيز أمان وكفاءة النظام الحالي لإصدار الشهادات الجامعية، في ظل تزايد الهجمات السيبرانية التي استهدفت مؤخراً مؤسسات حيوية بالمغرب، من بينها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلى جانب مواقع حكومية أخرى، بحسب تقارير دولية صنّفت المغرب كأحد أبرز أهداف الهجمات الإلكترونية في القارة الإفريقية.
ويعتمد النظام على تقنية البلوك تشين باستخدام شبكة Ethereum والعقود الذكية، إلى جانب نظام التخزين اللامركزي IPFS، مما يضمن حماية عالية وشفافية تامة في إصدار الشهادات الأكاديمية وتدقيقها، مع القضاء على المشاكل التقليدية كالتزوير والبطء في التحقق اليدوي، وعدم التوافق بين مؤسسات التعليم العالي.
كما يتيح النظام إصدار الشهادات بشكل تلقائي عند استيفاء الشروط الأكاديمية، ويوفر حسابًا أكاديميًا موحدًا لكل طالب وأستاذ، ما يسهل إدارة السجلات ويوحّد المعايير بين الجامعات.
وقد تم إيداع طلب براءة اختراع هذا النظام لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC)، بدعم من رئاسة جامعة محمد الأول. ويتميز بتمكين الأساتذة من مراقبة النقاط قبل وبعد المداولات، كما يوفر إمكانية إصدار شهادات التأهيل الجامعي للأساتذة أنفسهم، مع تقليص التكاليف الإدارية والبيئية إلى الحد الأدنى، حيث لا تتجاوز تكلفة الشهادات لكل طالب طيلة مساره الجامعي 5 دراهم فقط.
ورغم التقدم الذي حققه المشروع، يشير الباحثون إلى أن تطبيقه لا يزال محصوراً بالتعليم العالي، ويقترحون توسيعه ليشمل التعليم ما قبل الجامعي عبر دمجه مع نظام “مسار”، مع العمل على توافقه مستقبلاً مع المنصات التعليمية العالمية.
ويرى المطورون أن هذا الابتكار قد يشكل نواةً لتطبيقات أوسع لتقنية البلوك تشين في مجالات حيوية مثل الصحة والطاقة، مع تأكيدهم على أهمية دعم الوزارات الوصية لتوفير الموارد اللازمة لتعميم هذا المشروع على مستوى وطني شامل.