أثار تعيين الفنان حميد حبيبي مديراً إقليمياً لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بإقليم قلعة السراغنة تفاعلات متباينة في الأوساط التربوية والإعلامية، بين من رأى فيه خطوة جريئة ومن اعتبره تعييناً خارج المألوف. فالرجل الذي عرفه المغاربة في دور “المقدم” ضمن السلسلة الكوميدية الشهيرة “حديدان”، وجد نفسه اليوم في موقع مسؤولية تربوية على مستوى إقليمي.
هذا التعيين جاء في إطار حركة تنقيلات وتعيينات أطلقتها الوزارة بهدف إعادة هيكلة الإدارة الترابية للتعليم، وضخ كفاءات جديدة في مواقع القرار. غير أن خلفية حبيبي الفنية أثارت نقاشاً واسعاً حول مدى تطابق اختياره مع رهانات المرحلة والتحديات التي يواجهها قطاع التعليم.
لكن، وعلى خلاف الانطباع الأولي، لا يعتبر حميد حبيبي غريباً عن قطاع التربية، إذ راكم تجربة إدارية مهمة خلال شغله سابقاً منصب رئيس مصلحة الشؤون القانونية والتواصل والشراكة بالمديرية الإقليمية بالخميسات، ما منحه فهماً دقيقاً لطبيعة المنظومة التعليمية وإشكالاتها المتعددة.
كما يُعرف عنه امتلاكه لتكوين أكاديمي صلب ومساراً فنياً متنوعاً كممثل، مخرج، وكاتب مسرحي، ما يمنحه شخصية مركبة قد تمثل جسراً بين الثقافة والتربية، إن تم استثمارها بحكمة في سياق الإصلاحات الجارية بالقطاع.
ورغم أن التعيين قوبل ببعض الانتقادات التي اعتبرت أن المنظومة في حاجة إلى تعيينات مبنية على الكفاءة التربوية المحضة، إلا أن مؤيدي الخطوة يرون فيها إشارة إلى انفتاح الوزارة على كفاءات متعددة الخلفيات بشرط توفر الجدية والقدرة على مواكبة الملفات التربوية المعقدة.
وفي المحصلة، يبقى التحدي الأساسي أمام المدير الإقليمي الجديد هو إثبات كفاءته بعيداً عن الأدوار التلفزيونية، وبناء جسور الثقة مع الأطر التربوية، في مرحلة تتطلب حنكة إدارية وحساً تواصلياً عالياً وقدرة على اتخاذ قرارات صائبة في ملفات دقيقة.