يشهد إقليم الدريوش بين الفينة والأخرى زيارات ميدانية لما يُعرف باللجان المختلطة، ترافقها السلطات المحلية، بهدف مراقبة جودة المواد الغذائية والوقوف على مدى احترام التجار وأصحاب المحلات لشروط السلامة الصحية. ورغم انتظام هذه الجولات ورفعها لشعارات حماية المستهلك، إلا أن واقع الحال يُظهر أنها لا تتعدى كونها إجراءات شكلية سرعان ما تُنسى دون أثر ملموس.
فرغم ضبط مواد فاسدة في أكثر من مناسبة، تتنوع بين لحوم وأسماك ومنتجات أخرى غير صالحة للاستهلاك، إلا أن هذه الوقائع لا تُترجم إلى قرارات حازمة أو عقوبات رادعة. لا نسمع عن إغلاق محلات أو محاسبة مسؤولين، ولا عن تحريك المتابعة القضائية في حق المتورطين. وكأن الهدف من هذه الخرجات هو فقط “الإثبات” لا “الردع”.
الأدهى من ذلك أن بعض المحلات التي تم ضبطها متلبسة ببيع مواد مضرّة بالصحة تواصل نشاطها اليومي كأن شيئاً لم يكن، في غياب تام لأي مساءلة. وهذا الوضع يطرح أكثر من سؤال حول جدوى هذه الحملات، ومدى صدق الشعارات المرفوعة باسم حماية المستهلك.
الساكنة، التي تتابع هذه التحركات، لم تعد تثق كثيراً في فعاليتها، بل تعتبرها استعراضاً روتينياً لا يسمن ولا يغني من جوع، في وقت تزداد فيه المخاطر الصحية المرتبطة بالاستهلاك اليومي. فهل المطلوب هو طمأنة الرأي العام بوجود رقابة، أم اتخاذ قرارات شجاعة تضع صحة المواطن فوق كل اعتبار؟
إذا لم يكن هناك تفعيل صارم للقانون، فإن هذه الجولات تبقى مجرد مشهد متكرر لا يحمل جديداً، بل يُكرّس فقدان الثقة في جدية مؤسسات الرقابة.