في سياق تحركاتها المتواصلة لإرساء قواعد الشفافية والحكامة الجيدة، أقدمت وزارة الداخلية على توقيف وعزل تسعة رؤساء جماعات ترابية ينتمون إلى أقاليم مختلفة من بينها سيدي قاسم، قلعة السراغنة، أزيلال، كلميم، تازة، بركان، سطات، العرائش، وخريبكة، وذلك إثر تقارير رقابية دقيقة أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجلس الأعلى للحسابات، كشفت عن اختلالات جسيمة في التدبير الإداري والمالي.
الإجراءات التأديبية تم تفعيلها بناءً على مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات، والتي تخوّل لوزارة الداخلية توقيف المنتخبين المعنيين في انتظار الحسم القضائي في ملفات العزل. وتشير معطيات متقاطعة إلى أن اللائحة مرشحة للتوسّع، حيث تُباشر المصالح المختصة عمليات افتحاص جديدة في أكثر من 20 جماعة ترابية.
وبينما تم فتح المسار القضائي أمام ملفات الرؤساء المتورطين، يواجه عدد من المسؤولين الجماعيين في سيدي قاسم وشيشاوة والقصر الكبير والمكرن نفس المصير، في ظل مؤشرات قوية على قرب إصدار قرارات جديدة بالعزل.
وفي الوقت الذي تتعالى فيه أصوات برلمانية تطالب بتطبيق مبدأ المساواة في المحاسبة، تحوم تساؤلات جدية حول أسباب عدم فتح ملفات خروقات في جماعات كبرى، رغم ما يُتداول عن تجاوزات في مجال التعمير وبيع رخص السكن بأثمان خيالية تتجاوز 200 مليون سنتيم، دون أن تطال المتورطين أية مساءلة أو عملية تفتيش.
التحركات الأخيرة لوزارة الداخلية تأتي في إطار استعداد البلاد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث تسعى السلطات إلى تنظيف المشهد المحلي من بؤر الفساد وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات، في ظل التوجه نحو تفعيل حقيقي لربط المسؤولية بالمحاسبة، وقطع الطريق أمام الاستغلال السياسي والإداري للجماعات الترابية.