تواصل الحكومة المغربية تنفيذ استراتيجيتها الرامية إلى التحرير التدريجي لدعم غاز البوتان، في إطار خطة أوسع تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن صندوق المقاصة وتقليص نفقاته. وتشير المعطيات المتداولة إلى أن الزيادة الثانية في أسعار أسطوانات الغاز ستدخل حيز التنفيذ مع بداية يناير المقبل، حيث يرتقب أن يرتفع سعر الأسطوانة من 50 درهمًا حاليًا إلى 60 درهمًا، على أن تستمر الزيادات السنوية بنفس المعدل (10 دراهم) لتصل إلى 70 درهمًا بحلول عام 2026. وفي سبيل التخفيف من تأثير هذه الزيادات على الأسر ذات الدخل المحدود، بادرت الحكومة منذ بداية العام الجاري بإطلاق برنامج للدعم الاجتماعي المباشر، يهدف إلى تقديم مساعدات مالية مباشرة للفئات الأكثر هشاشة، في خطوة ترمي إلى تحقيق توازن بين تقليص الدعم الحكومي وضمان حماية الشرائح الأقل دخلًا من تأثيرات ارتفاع الأسعار.
رغم الإعلان عن شهر يناير كموعد للزيادة المرتقبة، إلا أن تأجيلها يبقى احتمالًا واردًا، خاصة في ظل سابقة تأجيل الزيادة الأولى التي تم تطبيقها في ماي الماضي. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن الحكومة ستعمل على تنفيذ الزيادة الجديدة قبل منتصف العام المقبل كأبعد تقدير. من الناحية المالية، يُنتظر أن تساهم هذه الإجراءات في تخفيف العبء الكبير عن صندوق المقاصة، الذي كان يتحمل حوالي 15 مليار درهم سنويًا لدعم غاز البوتان. ومن المتوقع أن يؤدي رفع سعر الأسطوانة بمقدار 10 دراهم إلى توفير ما يقارب ملياري درهم سنويًا للخزينة العامة، مما يعزز الموارد المالية للدولة ويوفر مساحة أكبر لتوجيه النفقات نحو أولويات تنموية أخرى.
تثير هذه الخطوات نقاشًا واسعًا حول مستقبل الدعم الحكومي ومدى نجاح برامج التعويض المباشر في التخفيف من التداعيات الاجتماعية للتحرير التدريجي. وبينما ترى الحكومة أن هذه الخطوات ضرورية لتحقيق التوازن المالي، تبقى التحديات الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها محورًا هامًا للنقاش العام في المغرب.