بات من شبه المؤكد أن المغرب يتجه نحو تنفيذ تقسيم إداري جديد سيغير خريطة الجهات والعمالات بالمملكة، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الحكامة الترابية وتفعيل مبادئ الجهوية الموسعة. ومن المتوقع أن تتم المصادقة على هذا التقسيم خلال سنة 2026.
أبرز مستجدات هذا التقسيم، تشير الأنباء إلى عزم الدولة جمع الجهات الجنوبية الثلاث (العيون الساقية الحمراء، الداخلة وادي الذهب، وكلميم واد نون) في جهة واحدة، تكون مدينة العيون مركزها الإداري والسياسي.
ويُفهم من هذا الإجراء أنه جزء من تفعيل الحكم الذاتي، كخيار استراتيجي لحل النزاع في الصحراء المغربية، وتركيز الجهود التنموية ضمن كيان موحد.
كما يُرتقب حذف جهتي كلميم واد نون والداخلة وادي الذهب، مع إلحاق مناطقهما الإدارية بجهة العيون الساقية الحمراء، مما سيجعل من هذه الأخيرة قطباً سياسياً واقتصادياً يعزز ارتباط المنطقة بالسيادة المغربية.
التقسيم المنتظر يشمل إعادة ترتيب بعض الأقاليم داخل الجهة الجنوبية الجديدة. حيث من المرتقب ضم دائرة آقا وجماعة فم الحصن بإقليم طاطا إلى إقليم آسا الزاك، مع تغيير اسم هذا الأخير ليعكس الهوية الجديدة للإقليم، وإلحاق جماعة المحبس، القريبة من الحدود مع الجزائر، بإقليم السمارة، مما يعكس اهتماماً استراتيجياً خاصاً بهذه المنطقة الحساسة.
المسودة تشير إلى أن جهة درعة تافيلالت، التي طالما اعتُبرت من الجهات الأكثر هشاشة، معرضة للحذف. وسيتم توزيع أقاليمها بين جهة سوس ماسة (في الشمال الغربي) وجهة مراكش آسفي (في الشمال الشرقي)، بهدف دمج هذه المناطق في أقطاب أكثر حيوية اقتصاديا وتنمويا.
وتقترح المسودة إحداث عدد من العمالات الجديدة مثل عمالة أولاد تايمة، حيث سيتم فصل جزء من إقليم تارودانت وضمها إلى العمالة الجديدة وعمالة العروي، حيث سيتم تعزيز اللامركزية في منطقة الناظور، وعمالة القصر الكبير، حيث سيتم تسهيل تدبير منطقة اللوكوس، إلى جانب إحداث عمالة بوزنيقة وتيفلت وتارݣيست. بجانب توسيع التقسيم الإداري لجهة الرباط سلا القنيطرة، كما يتوقع تقسيم عمالة تارودانت إلى وحدتين إداريتين منفصلتين، مما سيتيح للمنطقة مرونة إدارية أكبر بالنظر إلى مساحتها الواسعة وتعقيداتها الجغرافية.
ويرتبط هذا المخطط الإداري الجديد بعدة أهداف، منها تعزيز الجهوية الموسعة بما يتماشى مع مقتضيات الدستور المغربي، رفع الكفاءة الإدارية عبر تقريب الخدمات من المواطنين، تهيئة الأقاليم الجنوبية؛ كجزء من خطة الحكم الذاتي التي تروج لها المملكة دوليا ودعم التنمية المحلية؛ من خلال تقسيم أكثر عدالة للمسؤوليات والموارد بين الجهات.
وللاشارة يُعد هذا المخطط، إن تم تأكيده، تحولاً كبيراً في إدارة التراب الوطني، خاصة مع إحداث جهة موحدة للصحراء المغربية.
ويبقى السؤال مطروحاً حول كيفية تنفيذه ومدى استجابته لتطلعات الساكنة، خاصة في المناطق التي ستشهد تغيرات جذرية في وضعها الإداري والجغرافي.